المراسل : متابعات
يواصل اليمنُ تصعيدَ عملياته العسكرية وتشديد الحصار على العدوّ الإسرائيلي عبر البحر، بإعلان القوات المسلحة اليمنية دخول المرحلة الرابعة من التصعيد دعمًا ونصرة لغزة.
وبالتزامن مع استمرار المجازر وحرب التجويع التي ينتهجها العدوّ الصهيوني ضد سكان قطاع غزة، وسّع اليمن خياراته التصعيدية، حَيثُ شمل الحصار البحري الجديد استهداف جميع السفن التابعة لأية شركة تتعامل مع موانئ الاحتلال، بغضّ النظر عن نوعها أَو جنسيتها، وفي أي مكان تستطيع القوات اليمنية الوصول إليه.
ويصف خبراء عسكريون هذه الخطوة بأنها “التحول الأهم عسكريًّا والأكثر تأثيرًا على المستوى الاستراتيجي”؛ إذ تمثل تغييرًا جذريًّا في طبيعة الحصار البحري المفروض على الكيان المؤقت، مؤكّـدين أن إدراج الشركات الكبرى ضمن قائمة الحظر يُعدّ “ضربة مركزية لسلاسل التوريد”، ويضع شركات الملاحة الدولية أمام خيارَين لا ثالث لهما: إما مقاطعة العدوّ أَو التعرّض للاستهداف المباشر.
قرار استراتيجي وحصار شامل:
وفي السياق، يؤكّـد الباحث في الشؤون العسكرية زين العابدين عثمان لـ”المسيرة” أن المرحلة الرابعة من التصعيد التي دشّـنتها القوات المسلحة اليمنية تمثل تحوّلًا نوعيًّا واستراتيجيًّا بالغ الأهميّة في معركة الحصار البحري ضد العدوّ الصهيوني.
ويُوضح عثمان أن هذه المرحلة رفعت من سقف الحظر، ليشمل جميع شركات الشحن التي تتعامل مع الكيان الإسرائيلي، واستهداف جميع السفن التابعة لها، دون النظر إلى جنسية السفينة أَو الشركة. وهذا يختلف عن المرحلة السابقة، التي كانت تستهدف فقط السفن المشاركة بشكل مباشر.
ويضيف أن نطاق الاستهداف امتدّ ليشمل البحر الأحمر، والبحر العربي، والمحيط الهندي، وربما أبعد من ذلك، بما يتناسب مع مدى القدرات الصاروخية وسلاح الجو المسيّر التابع للقوات المسلحة اليمنية.
ويبيّن أن قرار تدشين هذه المرحلة لم يكن ردّ فعل طارئًا، بل جاء بتخطيط حكيم من القيادة الثورية، ممثّلة بالسيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، وذلك استجابة لتطورات المعركة في غزة، ولتعزيز استراتيجية الردع ضد الكَيانَين الإسرائيلي والأمريكي، اللذين يواصلان ارتكاب المجازر الجماعية، ويستخدمان سياسة التجويع كسلاح ضد أكثر من مليوني فلسطيني.
ويتابع: “التصعيد العسكري في هذه المرحلة يهدف إلى إحداث نقلة نوعية في قواعد المواجهة، من خلال الانتقال من التضييق التكتيكي إلى الحصار البحري الاستراتيجي الشامل، بما يؤدي إلى شل حركة الموانئ المتبقية للكيان، خَاصَّة على البحر المتوسط، كميناءَي حيفا وأسدود”.
كما يؤكّـد أن إدراج الشركات الكبرى ضمن قائمة الحظر يُعدّ ضربة قاصمة لسلاسل التوريد الإسرائيلية، مُشيرًا إلى أن “شركات الملاحة باتت أمام خيارين واضحين: إما الانسحاب من التعامل مع الكيان، أَو الدخول في دائرة الاستهداف المباشر”.
وَيُضيف أن هذا التصعيد يشكّل ضغطًا اقتصاديًّا عالميًّا لعزل الكيان عن السوق الدولية، مؤكّـدًا أن القوات المسلحة اليمنية تمتلك من القدرة والإمْكَانات العسكرية ما يضمن تنفيذ هذه التهديدات بنجاح.
ويستدلّ على ذلك بنجاح وحدات الصواريخ وسلاح الجو المسيّر في تنفيذ عمليات نوعية استهدفت عمق فلسطين المحتلّة، بما في ذلك ميناء أم الرشراش، وتعطيله، فضلًا عن استهداف سفن متجهة نحو الكيان في مختلف الأحواض المائية، من البحرين الأحمر والعربي وُصُـولًا إلى المحيط الهندي. “الأمر الذي يثبت -كما قال- قدرة القوات اليمنية على فرض المقاطعة البحرية على الشركات الكبرى”.
ويؤكّـد أن التصعيد الجديد سيضرب الهيكل الاقتصادي والتجاري للكيان بشكل مباشر، من خلال استهداف ممراته البحرية المتبقية، وتعطيل شحناته الحيوية.
مفاجآت مرتقَبة وأهداف دقيقة:
من جانبه، يرى الخبير العسكري العميد هاشم وجيه الدين أن جبهة اليمن في إسناد غزة أصبحت جبهة محورية وفاعلة في التأثير على الكيان الصهيوني.
ويوضح في تصريح خاص لـ “المسيرة نت” أن أهميّة الجبهة اليمنية تتجلى في تأثير ضرباتها الصاروخية، سواء عبر الصواريخ الباليستية أَو الفرط صوتية، إلى جانب الطائرات المسيّرة التي تستهدف مواقعَ حساسةً وحيوية في عُمق الأراضي المحتلّة، محدثة خسائر مادية وبشرية كبيرة لا يُعلن عنها العدوّ، وتدفع المستوطنين إلى الملاجئ، وتُبقي حالة القلق والخوف دائمة في أوساطهم.
ويشير إلى أن العمليات البحرية فرضت حصارًا خانقًا على دخول سفن الشحن إلى موانئ الاحتلال؛ ما أَدَّى إلى تعطيل ميناء أم الرشراش كليًّا، وتعطيل موانئ أُخرى جزئيًّا؛ مِمَّا انعكس بوضوح على الوضع الاقتصادي للكيان، ودفعه للبحث عن بدائل مكلفة وغير مجدية.
ويشدّد وجيه الدين على أن جبهة الإسناد اليمنية ستظلّ فاعلة حتى يتحقّق وقف العدوان ورفع الحصار الكامل عن قطاع غزة، وإدخَال المساعدات الغذائية والدوائية، مؤكّـدًا أن ذلك التوجّـه يحظى بثبات القيادة السياسية والعسكرية، وعلى رأسها السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، وبدعم شعبي واسع.
وينوّه إلى أن المسيرات المليونية التي تخرج كُـلّ يوم جمعة في أكثر من 1200 ساحة في صنعاء والمحافظات الحرة، تعكس الروح الثورية لدى الشعب اليمني، وإصراره على مواصلة الدعم حتى تحقيق كامل الأهداف.
ويلفت إلى أن تفاقم الكارثة الإنسانية في غزة نتيجة العدوان والحصار، وجرائم التجويع بحق الأطفال والنساء، زاد من مستوى الغضب الشعبي؛ ما عجّل بإطلاق المرحلة الرابعة من التصعيد؛ بهَدفِ كسر الحصار ووقف الحرب.
وَيُضيف أن هذا الإعلان لا يأتي في سياق إعلامي أَو استعراضي، بل هو إعلان عملي مدعوم بقدرات عسكرية متطورة ومتنامية، مُشيرًا إلى أن الضربات اليمنية ستتكثّـف خلال المرحلة المقبلة، سواء في العمق الإسرائيلي أَو في البحر.
ويختم حديثه مؤكّـدًا أن القوات اليمنية تمتلك ترسانة متطورة من الصواريخ والطائرات المسيّرة، بالإضافة إلى زوارق بحرية هجومية حديثة، ستدخل الخدمة قريبًا، وقد تغيّر موازين المعركة، مُشيرًا إلى وجود أهداف أكثر حساسية ضمن بنك الأهداف، سيتم استهدافها في الوقت المناسب، وستُحدث تأثيرا كَبيرًا في بنية العدوّ، إلى جانب مفاجآت جديدة ستسهم في الضغط عليه لوقف العدوان وإدخَال المساعدات الإنسانية.
كما يجدّد التأكيد على إصرار القيادة الثورية والسياسية والعسكرية على التصعيد بكل الوسائل الممكنة، حتى كسر الحصار وإنهاء العدوان على غزة، معربًا عن ثقته الكاملة في نجاح اليمن بتحقيق هذه الأهداف.
محمد الكامل
(0)